يشك أنه أصاب شخصاً بالعيْن فمرض هذا الشخص بعدها ومات
السؤال:
في إحدى المرات شاهدت أحد الرجال المسنين في قريتي والذي كان غائباً منذ زمن ولم أره منذ فترة ، فقلت في نفسي : هل ما زال هذا الشيخ حيّاً ؟! ولست أدري ما كنت أقصد بها لكن حدثتني نفسي بأن هذا كان نوعاً من الحسد ، فمرض هذا الشيخ بعدها تقريباً لمدة أسبوعين ومات ، فهل أتحمل وزراً إن كان هذا بسببي ، وما رأي الدين في حالتي هذه ؟ . وجزاكم الله خيراً .
الجواب :
الحمد لله
مما ينبغي أن يُعلم في مسألة العيْن : أنها حق ، كما جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ( الْعَيْنُ حَقٌّ ) رواه البخاري ( 5048 ) ومسلم ( 2187 ) ، ومعنى كونها حقّاً أنها سبب للإصابة بالأمراض أو الموت إذا شاء الله تعالى أن يجعل لك تلك الآثار ، ويُعلم كذلك أن الإصابة بها قد تكون من نفس حاسدٍ خبيثة وقد تكون من نفس معجَبة وقد يكون هذا المُعجَب من الصالحين ، كما روى ابن ماجه ( 3509 ) بإسناد صحيح عن سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ رضِيَ الله عنه قَالَ : مَرَّ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ بِسَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ وَهُوَ يَغْتَسِلُ فَقَالَ لَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ وَلَا جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ !! فَمَا لَبِثَ أَنْ لُبِطَ بِهِ !! فَأُتِيَ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقِيلَ لَهُ أَدْرِكْ سَهْلًا صَرِيعًا قَالَ ( مَنْ تَتَّهِمُونَ بِهِ ) قَالُوا : عَامِرَ بْنَ رَبِيعَةَ قَالَ ( عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مِنْ أَخِيهِ مَا يُعْجِبُهُ فَلْيَدْعُ لَهُ بِالْبَرَكَةِ ) ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَأَمَرَ عَامِرًا أَنْ يَتَوَضَّأَ فَيَغْسِلْ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَرُكْبَتَيْهِ وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَصُبَّ عَلَيْهِ .
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله – في فوائد هذا الحديث - : " وأنَّ العيْن تكون مع الإعجاب ولو بغير حسد ، ولو من الرجل المحب ومن الرجل الصالح ، وأن الذي يعجبه الشيء ينبغي أن يبادر إلى الدعاء للذي يعجبه بالبركة ويكون ذلك رقية منه " . انتهى من " فتح الباري " ( 10 / 205 ) .
وعليه نقول : إن كان ما حصل لذلك الشيخ الكبير بعد رؤيتك له ليس من المحتم أنه من أثر عينك ؛ لأمور :
1. أن ما حصل منك هو مجرد حديث نفس تعجبت فيه من بقائه إلى الآن على قيد الحياة ، ولا نرى أن هذا يشمله النهي الوارد في الحديث السابق ؛ لأن التعجب من الشيء غير الإعجاب به وتمنيه للنفس فضلا عن تمني زواله عن ذاك الشخص وهو ما لا نظنه وقع منك ، والإعجاب هو الاستحسان للشيء والرضا به ، وهو غير التعجب من الشيء الذي يكون أصله سؤال في النفس يسأل صاحبه عن إجابة .
2. أن الإصابة بالعين تكون مباشرة بعد النظر ، وما قلته عن واقع حاله لم يكن كذلك ، ولو أنك ذكرت أنه سقط أمامك مباشرة فلعله يقوي جانب إصابته بالعين من قبَلك .
3. ثم إنه لا يمكن لأحدٍ أن يجزم أن ما حصل لذلك الشيخ الكبير – رحمه الله – قد حصل فعلاً بسبب نظرتك له وإصابته بالعين من قبلك .
فنرى أن لا تقلق مما حصل وخاصة أن الرجل قد توفي ، ولو أنه مرض لأمكن نصحك بأن تتوضأ وتغسله بماء وضوئك ، وادع لذلك الشيخ أن يرحمه ربه تعالى وأن يعفو عنه .
ولينظر جواب السؤال رقم ( 20954 ) ففيه بيان حقيقة العيْن وطرق الوقاية منها وعلاجها.
ثم تعلم من هذا درسا مهما : أن تحفظ عينك من مثل ذلك ، فإن أعجبك شيء فبادر بما أدبك به النبي صلى الله عليه وسلم : أن تدعو بالبركة عليه ، قبل كل قول أو نظر ، فتقول ـ مثلا ـ : تبارك الله ، بارك الله ، ما شاء الله اللهم بارك .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب