براءة أهل الله من تشبيه الله بشاب أمرد
السؤال: قرأت في بعض المنتديات الشيعية كثيرا من اللغط و الخلط الذي لم افهمه , وأردت أن اسأل عنه لأعلم وأتبين , يقولون الوهابيون يعبدون الشاب الأمرد وهم يكفروننا بهذا , ويقولون إن هناك حديثا بهذا الخصوص, عموما ما هو هذا الحديث إن كان موجودا وما معناه وما هي الشبهات التي تحيط به وكيف نردها , وما هي مناسبته , وجزيتم الفردوس الأعلى من الجنة .
الجواب :
الحمد لله
أولا :
أهل السنة برآء من تمثيل الله بخلقه ، ويعتقدون أنه لا يماثل أحداً من خلقه ، لا شابا أمرد ، ولا شيخا ، بل عندهم أن من شبه الله بخلقه كفر .
قال نعيم بن حماد الخزاعي شيخ البخاري : «من شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس ما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيهًا» انتهى نقلا عن "الفتوى الحموية الكبرى" لشيخ الإسلام ابن تيمية ، ص 531 .
ولهذا كان من الكذب والإفك والزور أن يقال : إن أهل السنة أو السلفيين أو الوهابيين يعبدون الشاب الأمرد ، بل لا يعبدون إلا الله تعالى ، وهم أهل التوحيد والسنة والاستقامة ، على عكس أهل الشرك والبدعة الذين يعبدون الأولياء والأئمة ، ويسجدون للقبور والأضرحة ، ويسألونها قضاء الحاجات وتفريج الكربات ( فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ).
ثانيا :
ورد حديث يفيد رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه مناما على صورة شاب أمرد ، وهو حديث مختلف في صحته ، صححه بعض الأئمة ، وضعفه آخرون ، وعلى فرض صحته فهو رؤيا منام ، والإنسان قد يرى ربه في منامه على صور مختلفة ، وتكون الصورة التي يراها مناسبة لحاله وإيمانه ، فقد يراه في صورة شاب ، أو في صورة شيخ ، مع الاعتقاد الجازم بأن الله تعالى ليس على هذه الصورة في الحقيقة ، لأنه سبحانه لا يشبه أحدا من خلقه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " فالإنسان قد يرى ربه في المنام ويخاطبه فهذا حق في الرؤيا ، ولا يجوز أن يعتقد أن الله في نفسه مثل ما رأى في المنام ، فإن سائر ما يُرى في المنام لا يجب أن يكون مماثلا ، ولكن لا بد أن تكون الصورة التي رآه فيها مناسبة ومشابهة لاعتقاده في ربه ، فإن كان إيمانه واعتقاده مطابقا أتي من الصور وسمع من الكلام ما يناسب ذلك وإلا كان بالعكس . قال بعض المشايخ: إذا رأى العبد ربه في صورة كانت تلك الصورة حجابا بينه وبين الله . وما زال الصالحون وغيرهم يرون ربهم في المنام ويخاطبهم وما أظن عاقلا ينكر ذلك فإن وجود هذا مما لا يمكن دفعه ... وليس في رؤية الله في المنام نقص ولا عيب يتعلق به سبحانه وتعالى وإنما ذلك بحسب حال الرائي وصحة إيمانه وفساده واستقامة حاله وانحرافه .
وقول من يقول ما خطر بالبال أو دار في الخيال فالله بخلافه ونحو ذلك إذا حمل على مثل هذا كان محملاً صحيحاً ، فلا نعتقد أن ما تخيّله الإنسان في منامه أو يقظته من الصور أن الله في نفسه مثل ذلك ، فإنه ليس هو في نفسه مثل ذلك ، بل نفس الجن والملائكة لا يتصورها الإنسان ويتخيلها على حقيقتها بل هي على خلاف ما يتخيله ويتصوره في منامه ويقظته وإن كان ما رآه مناسبا مشابها لها ، فالله تعالى أجل وأعظم ". انتهى من "بيان تلبيس الجهمية" (1/ 325) [ط. مجمع الملك فهد].
والحديث ورد بألفاظ منها : ( رَأَيْتُ رَبِّي فِي المنام في صورة شاب مُوَقَّرٍ فِي خَضِرٍ، عليه نَعْلانِ من ذهب، وَعَلَى وجهه فراش مِنْ ذهب ).
ومنها : (أنه رأى ربه عز وجل في النوم في صورة شاب ذي وفرة، قدماه في الخضرة، عليه نعلان من ذهب ، على وجهه فراش من ذهب).
ومنها : (رأيت ربي في صورة شاب أمرد جعد عليه حلة خضراء).
وممن صحح الحديث من الأئمة : أحمد بن حنبل ، وأبو يعلى الحنبلي ، وأبو زرعة الرازي .
وممن ضعفه : يحيى بن معين ، والنسائي ، وابن حبان ، وابن حجر ، والسيوطي .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "بيان تلبيس الجهمية": (7/ 229): " وكلها [يعني روايات الحديث] فيها ما يبين أن ذلك كان في المنام وأنه كان بالمدينة إلا حديث عكرمة عن ابن عباس وقد جعل أحمد أصلهما واحداً وكذلك قال العلماء".
وقال أيضا (7/ 194): " وهذا الحديث الذي أمر أحمد بتحديثه قد صرح فيه بأنه رأى ذلك في المنام " انتهى .
وقال الذهبي في "ميزان الاعتدال" (1/ 594) : " وهذه الرؤية رؤيا منام إن صحت".
فبان بهذا أنه لا مُستمسك لأهل الزيغ والضلال في وصف أهل السنة بما هم برآء منه ، فإن أهل السنة أعلم بالله وبصفاته ، وأبعد عن التمثيل من سائر الطوائف ، لأنهم المنقادون للكتاب والسنة ، المعظمون للآثار ، المستنيرة عقولهم بنور الإيمان ، السائرون على ما كان عليه الصحابة والتابعون لهم بإحسان ، فهم أبعد الناس عن هذا الزيف والبهتان .
وينظر للفائدة :
http://www.dorar.net/art/483ثالثا :
لا يجوز للمسلم النظر في شبهات أهل البدع والضلال , إلا إذا كان مؤهلا للرد عليها وبيان ما فيها من زيغ وانحراف ، سواء كانت هذه الشبه مطبوعة في كتاب ، أو منشورة في منتدى ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم : (126041) ورقم : (92781) .
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب