قال تعالى ( واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين )
وقال تعالى ( والذين تطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب )
أحبتي الكرام أمام هاتين الآيتين تتفرقع , وتسكن موجات القلق , والاظطراب النفسي ويسود صاحبها السكون والطمأنينة , وتتحطم أمال الشيطان ووساوسه أمام أعمدة الصبر , والاحتساب .
أحبتي مما لا شك فيه أن ابن أدم في هذه الحياة معرض للابتلاء من ربه تعالى , وذلك على قدر إيمانه , وهذا فضل ومنة , وكرم من الله تعالى , فكأن الناس في تفاوت درجات الإيمان , كطلاب في مراحل الدراسة , أسئلة الصف الثالث الابتدائي لا يُسئل فيها طالب الصف الأول , وأسئلة دروس المرحلة الثانوية لا تعطى لطلاب المراحل المتوسطة ,,,,, وهكذا بل الأسئلة والامتحان لا تأتي
إلا على المستوى المناسب , وهنا نرى أن الله يبتلي العبد على قدر إيمانه , وأشد بلاء كان الأنبياء .
قال تعالى (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون)
ومع هذا الابتلاء جعل مقابله الدواء الناجع الذي تهون معه كل مصيبة , وهذا الدواء هو الإكثار من ذكر الله تعالى , ثم التحلي بالصبر , وإقامة الصلاة .
أحبتي انظروا كيف هانت المصيبة , وشدة الألم عند عروة بن الزبير رضي الله عنهما عندما أصيب بالآكلة في رجله , وحان بترها , لقد عرض عليه الطبيب أن يسقيه المخدر , فقال لا دعوني أصلي , وقوموا بقطعها في حال صلاتي , فقطعت وهو يصلي , يا ترى ما الذي هون عليه هذا الخطب ؟ أنه ما يلي
كان كثير الصيام والعبادة وقراءة القران والصلاة والاستغراق في صلاته , ذلك ما أنساه هذا الألم , وعندها قال ( أما يعلم الله أني لم امش بك إلى حرام ) ثم قبلها وأمر بدفنها . وهنا ما تمثل به من الأبيات بعد قطعها :
وعن عبد الله بن محمد بن عبيد قال: لم يترك عروة بن الزبير ورده إلا في الليلة التي قطعت فيها رجله. قال: وتمثل بأبيات معن بن أوس:
لعمرك ما أهويت كفي لريبة ولا حملتني نحو فاحشة رجلي
ولا قادني سمعي ولا بصري لها ولا دلني رأيي عليها ولا عقلي
وأعلم أني لم تصبني مصيبة من الدهر إلا قد أصابت فتى قبلي([1][20])
ثم انظروا إلى مكانته العلمية عند الناس فيما بلي قال: (عيسى بن طلحة: أما والله يا أبا عبد الله ما أعددناك للصراع ولا للسباق، ولقد أبقى الله لنا ما كنا نحتاج إليه منك، رأيك وعلمك، فقال عروة: ما عزاني أحد عن رجلي مثلك.
أحبتي هكذا عاش الرعيل الأول , على البر والتقوى , والعلم , والنفع للآخرين
دون مرتبات , أو أدنى رفاهية مما ننعم , ونرفل فيها نحن ......
تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة , وأحفظ الله يحفظك ....
هكذا النجاة , وهكذا الهون للمصائب عند وقوعها