مفاتيح القلوب
========
كل باب له مفتاح .... والمفتاح المناسب لفتح قلوب الناس هو معرفة طبائعهم .... حَل مشاكل الناس .... الإصلاح بينهم ... الاستفادة منهم ... اتقاء شرورهم ... كل ذلك تصبح فيه بارعاً إذا عرفت طبائعهم .
افرض أن شاباً وقع بينه وبين أبيه خلاف .. اشتد الخلاف حتى طرده أبوه من البيت .. حاول الابن العودة مراراً لكن الأب كان عنيداً مُصراً .. دخلت للإصلاح بينهما .. حدّثت الأب بالنصوص الشرعية ... خوفته من إثم القطيعة .. لم يلتفت إليك ... كان مشحوناً غاضباً جداً .. أردت أن تستعمل أساليب أخرى للإصلاح .. عرفت من طبيعة هذا الأب أنه عاطفي جداً ... جئت إليه وقلت : يا فلان ... أما ترحم ولدك .. يفترش الأرض .. ويلتحف السماء .. !! ... أنت تأكل وتشرب .. والمسكين يبيت طاوياً ويصبح جائعاً ...
أما تذكره إذا رفعت كسرة الخبز إلى فمك .. أما تذكر مشيه في حرّ الشمس .. أما تذكر لما كنت تحمله صغيراً ... وتضمه إلى صدرك .. وتشمّه وتقبّله ..
أيرضيك أن يستجدي الناس وأبوه حيّ !! ... تجد أن عاطفة الأب تهيج بهذا الكلام ... ويقترب أكثر من نقطة الإلتقاء ..
وإن كان أبوه بخيلاً محباً للمال .. قلت له : يافلان انتبه لا تورط نفسك .. أرجع الولد تحت نظرك وتصرفك .. أخشى أن يسرق أو يعتدي ... فتلزمك المحكمة بسداد ما أخذ .. وإصلاح ما خرّب .. فأنت أبوه على كل حال ...
انتبه .... تجد أن الأب البخيل سيبدأ يعيد موازينه من جديد ..
وإن كان كلامك موجهاً إلى الابن .. وكان جشعاً مُحباً للمال ... قلت له : يا فلان .. لن ينفعك إلا أبوك .. غداً ستحتاج أن تتزوج .. من يسدد مهرك ؟ .. لو تعطلت سيارتك من يُصلحها ؟ .. لو مرضت من سيحاسب المستشفى ؟ ..
إخوانك يستفيدون كما شاءوا .. مصروف ... هدايا .. وأنت جالس هكذا !! .. ما يضرك أن تصلح ذلك كله بقبلة تطبعها على جبين أبيك .. أو كلمة أسف تهمس بها في أذنه .
وكذلك لو دخلت للإصلاح بين زوجة وزوجها .. فعلت مثل ذلك .. وفتحت باب كل واحد منهما بالمفتاح المناسب ...
ومثله لو أردت إجازة من مديرك في العمل .. وعرفت أنه لا يلتفت إلى العواطف ولا الأمور الاجتماعية ... وإنما عمل ( وبس ! ) ..
فقلت له : أحتاج إلى إجازة ثلاثة أيام أجدد فيها نشاطي ... وأستعيد حيويتي .. أشعر أن إنتاجيتي مع ضغط العمل تنحدر تدريجياً .. أعطني فرصة لإراحة ( رأسي ) فقط ثلاثة أيام ... لأعود أنشط وأقدَر ..
وإن كان اجتماعياً .. تلحظ من خلال تعاملاته ... أنه حريص على الأسرة والعائلة ..
قلت له : أريد إجازة لأرى والديّ .. أولادي .. أشعر أنهم في واد وأنا في وادٍ آخر ... إلى غير ذلك ..
أتقن هذه المهارة ... وستسمع الناس غداً يقولون : ما رأينا أبرع من فلان في القدرة على الإقناع !!!
----------------------------------------
من كتاب استمتع بحياتك للشيخ الدكتور محمد العريفي حفظه الله ورعاه