أنكرتُ وجهـكِ سمـرةً وبُهاقـا
وجَفَوْتِني.. لا تمنحيـنَ عِناقـا
أرضيتِ حُسنـاً زائفـاً مستورداً
كي تُعجبي من أفسدوا الأذواقـا
أو تسـمحينَ لغـادر أن يستبـي
ذاك الجمال.. لتحرمي العشّاقـا
أرضيتِ؟ أم أُلبستِ ثوبَ موافق
قسراً..وما لمسَ الرّضى الأعماقا؟
لولا الخيانة ما انحنـت أسوارها
للغاصبين.. فأطلقـوا الأشداقـا
فعصابـة (ابن العلقمـي) تسلّلت
تحـتَ الظلام لتفتح المغلاقـا
كم طُفْتُ بيـن الرافدين مناديـاً:
يامن رأى لي في العراق عِراقا
خطفـوه شبـلاً يافعـاً متمـرداً
ألـفَ الحيـاة تنافساً وسباقـا
والله ما جـاؤوا لضربـة ظالـمٍ
بل يقصدون الدين والأرزاقـا
جاؤوا لعبِّ النفـط مـن ينبوعه
لمّـا غـدا لحياتهـم ترياقـا
خضعـوا لإسرائيل في أطماعها
حتـى غدوا لضلالها أبواقـا
والله ما صُلـب المسـيح.. وإنما
أتباعه صلبوا الورى إزهاقـا
هجروك يا عيسى فصـار وليّهم
كوهين.. فانتهز الهوى واستاقا
ولـذاك أغراهم ببغـداد التــي
تختـال كأساً للثـراء دِهاقـا
قد صيّـروا دار السـلام ببغيهـم
داراً لحرب تنقـض الميثاقـا
سـاروا بأسلحة الدَّمار فأهلكوا
الإ نســان والتـاريخ والأخلاقا
سفكـوا دمـاء الأبريـاء ودمّروا
فوق الرؤوس الدّور والأسواقا
فكأنمــا للرافديــن روافــد
تجـري دماً متلاطمـاً دفاقـا
يبكي (الرشيـد) إذا رأى مأساتها
مثل الهِزَبْـرِ يقلّب الحِملاقـا
ويصيح: كلب الرّوم عاد ولم يذق
طعم السيوف ولم يشد وثاقا؟!
يبكي لها (المأمون) مـن إجرامهم
إذ أحرقوا أسفارها إحراقـا!!
لم ينضو الأشـراف في تدبيرهم
فاستنفـروا الشذاذ والسُّراقـا
يبكيك (معتصمُ) الرجال مزمجراً
ويصيـح: يكفي يا رجال نِفاقا
يبكي (صلاح الديـن) إذ أحفاده
ناموا بأحضان الصليب عِناقـا
وكذلك التاريـخ يبكـي غاضباً
يرمي على وجه الغزاة بُصاقـا
أين الحضارة يا ذئابـاً قد غزت
كل الشعوب وأزهقـت إزهاقا؟
إنّ (الهنود) مع (الزنوج) جميعهم
هم بعض من عرف الهوان وذاقا
ولكـم لدى (اليابان) جرحٌ غائرٌ
حفرتـه (قنبلة النّـوى) أطباقا
أين التحـرُّر وادّعيتـم أنّ في
دعـوى التحرر ضلة وإباقـا؟
لا تعجبوا فالكفـر ديـن واحد
كـره السـلام وللحياء أراقـا
بـل فاعجبوا للمسلمين ودينهم
جعـل الجهاد شعاره العملاقـا
فعلام ينحسر الهـلال ويختفي
وبنو الصليب تطاولوا أعناقـا؟
كيف استساغوا الذلّ في أوطانهم
والسـمّ أطيب مطعماً ومذاقا؟!
ما بال عنترة الفـوارس غافلاً
وديار (عبس) تشتكي الإرهاقا؟
سقط القناع عن القناع مع القناع
.. فهل صحا من نومه وأفاقا؟
ما بال أصحاب البصائر قد عَمُوا
مسخوا العقول وكبّروا الأشداقا؟!
ما بال (زرقاء اليمامة) أجهشت
ومن البكاء تورّمت أحداقـا؟!
تبكي لأن رجالها لم يُبصـروا
ما أبصرت.. وتعمدوا الإخفاقا
الله قـد جعـل العتاق خيولنـا
ونبينـا تخـذ المَطيّ (بُراقـا)
فعلام تجتنب الحـروب خيولنا
حتى تروم رياضـة وسباقا؟!
جلُّ الشعوب تحـررت وتقدّمت
ما بال قومي لازموا الأنفاقا؟!
قد كان يدفعني الرّجاء لأن أرى
جنـد الصليـب مكبلين وثاقا
أتموت أمنيتـي بليل مخاضها
قهراً..كمن يهب العروس طلاقا؟
يا أمة بزغـت كبـدرٍ دائـم
عبر العصور.. ولا يطيق محاقا
دول هي الأيام.. يهوي هابط
ليجـيءَ عـزٌّ يمـلأ الآفاقـا
قد سرت في ركب الهوان يقوده
قـزمٌ هزيل لا يطيـق لَحاقا
لا.. لا يـدوم الظلـم إنّا أمةٌ
لا تستكيـن لباطـل إن حاقا
فكأننـا وكأنهـم بضحى غدٍ
في ساحها كأس الردى نتساقى
بغداد يا لدة الخلود.. ولا خلود
يـدوم إلا الواحـدَ الخلاّقـا
للمجد أجنحة فمن لـم يحتفظ
بجناحه فالعجـز جارَ وَعاقـا
بغـداد حصن للأصالة والهدى
تأبى (العلوج) ولا تريد (رفاقـا)
بغداد يا موج الهوى في دجلة
أو في الفرات مسلسلاً رقراقا
قلبي يحدّثني.. وقلبـي صـادق
في حبّه.. لا يستسـيغ فراقا
قلبي يحدّثني: برغم حشودهم
وعدائهـم لا بدّ أن نتلاقى..