الحمد
لله رب العالمين
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و آله و صحبه أجمعين
و
بعد..
فرمضان روضة المحبين و بستان العاشقين و ساحة المجاهدين..
كم
انتظره العابدون, وتهيأ له المؤمنون ليغتنموا الفرصة و ليفوزوا بالهدايا و الأجور
العظام..
انتظروا, و طال انتظارهم, يريدون المزيد..
و كم
انتظر المذنبون العائدون..
يريدون
الوقوف فى الساحة ليسمعوا الإذن بالدخول و يشموا الروائح الزكية..وهذا موعود رب البرية..
يطلبون العون
منه سبحانه أملا فى عطاياه و منحه العظيمة التى ذكرها نبيه ومصطفاه
قال صلى الله عليه وسلم:
« إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنان وغلقت أبواب النيران وصفدت الشياطين
ونادى مناد ياباغى الخير أقبل و يا باغى الشر أقصر..
و لله عتقاء من النار و ذلك كل ليلة »
نعم
يستمعون و يشعرون بل و يشمون تلك النفحات..
فتهيأوا
لها واستعدوا..
و
لكن هناك من غفل عن هذه المنن العظيمة و هذه الفرص الكريمة و منّى نفسه الأمانى
الكاذبة..
و ترك نفسه لعبة فى أيدى الشياطين من الإنس
والجن..
و آخر جهل الطريق يريد الخير و يسأل عن الطريق للوصول الى ما وصل إليه
الأولون
إلى
كل هؤلاء
أحبائى
أربع خطوات من الطاعات لمن أراد القطف الداني من
بستان رمضان...
الخطوة الاولى :
إتقان العمل و إن قلّ...
يقول
سيد الخلق علية الصلاة و السلام
« ياأباذر.. أحكم السفينة فإن البحر عميق »
أى
سفينة و أى بحر هذا
اسمع الى قول على بن أبى طالب
إنّ لله عبادا فطنا طلّقوا الدنيا و خافوا الفتنا
نظروا فيها فعلموا أنها ليست لحى وطنا
جعلوها لجة و اتخذوا صالح الأعمال فيها سفنا
فإتقان
العمل من الأعمال التى يحبها الله عز وجل..
و لذلك
كان النبى صلى الله عليه وسلم يوصى دوما بإتقان العمل و مثال ذلك:
يوم جاء
رجل وصلى, ثم سلم و جلس..
فقال
النبى«
ارجع فصلّ فإنك لم
تصل »
و أرشده
النبى الى العمل الصواب و كان من ضمن هذا الإرشاد
« اركع حتى تطمئن راكعا »
أنظر
الى أهمية الإتقان..
نعم, و
لذلك كان يقول عليه الصلاة و السلام
« صلوا كما رأيتمونى أصلى »
و كان
اذا مرّ بآيه فيها تسبيح سبح الله, و اذا مر بأية فيها سؤال سأل..
و اذا مر بآية
فيها عذاب استعاذ بالله من العذاب
الله
الله اتقانا للعمل لكى يضمن الأجر
يقول الله تعالى{ إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا
}
يا ذا الذى ما كفاه الذنب فى رجب حتىعصى ربه فى شهر شعبان
لقد أظلك شهر الصوم بعدهما فلاتصيّره أيضا شهر عصيان
و اتل و سبح فيه مجتهدا فإنه شهر تسبيح و قرآن
كم كنت تعرف ممن
صام فى سلف من بيت أهل وجيران و إخوان
أفناهم الموت و استبقاك بعدهمو حيّا فما
أقرب القاصى من الدانى
فبعد
الإتقان تأتى الخطوة الثانية ألا و هى:
الإكثار من الأعمال الصالحة...
و فيها قال الحبيب صلى الله عليه وسلم:
« و استكثر الزاد فإن السفر طويل »
نعم لهو سفر ما أطول هذا السفر ظلمات بعدها ظلمات نعم نعم
ظلمة عند الموت و ظلمة فى القبر و ظلمة يوم الحشر و ظلمة على
الصراط
{ و من لم يجعل الله له نورا فما له من نور
}
إنه حقا سفر طويل يحتاج الانسان فيه الى الزاد و حين تنقضى
الايام
سنشعر بالأسى و الندم على ما ضيعنا فيها...
يقول بن مسعود رضى الله عنه
( ما ندمت على شيء ندمى على يوم غربت
شمسه و نقص فيه أجلى و لم يزد فيه عملى )
نعم أخيا اغتنم الفرصة
مضى أمسك الماضى شهيدا معدلا و أتبعه يوم عليك شهيد
فإن تك
بالأمس اقترفت إساءة فبادر بإحسان و انت حميد
و لا تبق
فعل الصالحات إلى غد لعل غدا يأتى و أنت فقيد
إذا المنايا أخطأتك و صادفت حميمك
فاعلم أنها ستعود
و أما الثالثة فهى..
إرضاء الله فى أداء الحقوق إلى أهلها...
و هى أيسر ما تكون فى شهر رمضان
لأن الأنسان يزداد إيمانا
بالطاعات..
فيسهل عليه أخراج الحقوق و لو كانت كثير
و قد أوصى الحبيب أبا ذر
بقوله عليه الصلاة والسلام
« و خفف ظهرك فإن العقبة كؤود »
نعم و ما أكثر الأحمال يوم القيامة فى يوم استوفى الله غضبه لأن الناس
يأتون يوم القيامة.. بكل ما عملوا..
أما العبد الموفق لطاعة ربه هو الذى استغل الفرصه فى هذا الموسم و أدى
الحقوق. فخرج من رمضان بالعفو عما سلف و
كان0
و أما الأخيره فهى:
قرة عين المحبين ألا و هو:
الإخلاص لرب العالمين...
و قد قال فيه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم..
«
و أخلص العمل فإن الناقد
بصير »
و يقول رب العباد سبحانه فى الحديث القدسى «
أنا أغنى الشركاء عن الشرك
فمن عمل العمل يريد الأجر من غيرى فهو لغيرى »
سبحان الغنى ..
يقول ابن عباس الرياء فى الأمّة كدبيب النملة
السوداء فى الليلة الظلماء على الصخرة الصماء.
فاحذر
أخي أن تقع فى هذا الجب المظلم فتصرف العبادة لغير الله فتكون من الخاسرين.
هذه أخى الكريم وصايا الحبيب للمحب عسى أن يجتمع المحبون مع من
أحبوا
و ختاما يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : «
من تشبه بقوم فهو منهم و من
تشبه بقوم حشر معهم »
والله أسأل أن يجعلنى و إياكم ممن أعتقت رقابهم من النار و أن يغفر لنا
ما قدمنا و ما أخرنا إن الله على مايشاء قدير
(سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب
العالمين)