الاستخدام الآمن للمبيدات
الغذاء هو أول وأهم المتطلبات لحياة الإنسان، ومن حق الإنسان.. أي إنسان
الحصول على منتج غذائي نظيف، ولأن الزراعة هي المصدر الأساسي للغذاء، لذا
فمن الأهمية بمكان أن تتضافر الجهود لأن يكون إنتاجها كافيا..نظيفا،
وآمنا. وحيث أن زيادة الإنتاج الزراعي يعتبر هدفا أساسيا بغرض توفير
الاحتياجات الغذائية، وفى نفس الوقت هو الشاغل الأول لدى العلماء
والباحثين للبحث المتواصل عن كافة سبل إمكانية زيادة الإنتاج وحمايته.
وقد جاء استخدام المبيدات الكيماوية لمكافحة الآفات الزراعية للحد من
أضرارها على المحاصيل المختلفة كأحد الأسلحة لتعظيم الإنتاج الزراعي ولكن
أدى انتشار استخدام المبيدات إلى أن تعرض كل شئ .. الماء والهواء
والتربة.. من حولنا للتلوث، وعلى الرغم من إجماع كافة المشتغلين بالزراعة
عامة، وبمكافحة الآفات خاصة، بضرورة استخدام المبيدات لوقت ليس بقصير
للمساهمة في زيادة الإنتاج الزراعي لمواجهة الزيادة السكانية وطلب الغذاء
فى كثير من البلدان، إلا أن هناك أيضا إجماع واقتناع على ضرورة ترشيد
استخدامها أولا، واستخدامها بطريقة آمنة حرصا على سلامة البيئة والمنتج
الزراعي بل وعلى الإنسان نفسه، لذا يلزم مزيد من الوعي والرقابة على الذين
يسيئون استخدام المبيدات وتداولها.
مشاكل المبيدات
من أهم المشاكل الناجمة عن التوسع والاستخدام غير الواعي للمبيدات هي:
• ظهور سلالات حشرية مقاومة أو متحملة لفاعلية المبيدات، الأمر الذي يزيد
من صعوبة مكافحتها حيث تتطلب هذه السلالات إما جرعات أعلى من المبيد أو
عدد رشات أكثر ( = تكلفة أعلى وزيادة التلوث ) أو ضرورة استخدام أنواع
جديدة من المبيدات ذات فعالية أكثر.
• زيادة أعداد مجاميع جديدة من الآفات ( آفات ثانوية ) والتي لم يكن لها
أي خطورة في سنوات سابقة، مثل تزايد أعداد حشرات المن والذباب الأبيض
والعنكبوت الأحمر عقب استخدام مجاميع معينة من المبيدات تستخدم لمكافحة
آفات أخرى رئيسية على نفس المحصول.
• الإبادة الشديدة لنسبة كبيرة من الحشرات النافعة المنتشرة في الطبيعة
والتي تقوم بدور طبيعي فعال في مقاومة العديد من الآفات الزراعية مثل
المفترسات والطفيليات مما أتاح الفرصة لزيادة أعداد العوائل الحشرية لهذه
الأعداء الطبيعية بدرجة كبيرة، إلى جانب أن المبيدات تقضى على نحل العسل
والحشرات الأخرى الملقحة التي تساهم في تحسين إنتاجية المحاصيل المختلفة.
• تلوث البيئة نتيجة استخدام المبيدات بشكل واسع مع عشوائية التطبيق، مما أضر بمكونات النظام البيئي والإنسان والحيوان والنبات.
• تحمل المبيدات في طياتها خطورة على الإنسان والبيئة إذ أن الجزء الأكبر
من المبيد عند استخدامه يسقط على النبات والجزء الآخر يتسرب إلى التربة
فيلوثها ويؤثر على صفاتها ويقضى على الكائنات الحية النافعة بها، ثم يتسرب
إلى مياه الصرف في الترع والمصارف ويسبب تلوثها وبذلك تتأثر الأسماك
والحيوانات التي تعيش أو تشرب منها. أما الجزء الأكبر والذي يسقط على
النبات فيمتص داخله ويتراكم في الثمار ويتحول بعضه إلى مركبات أخرى
متعددة، كما يتبقى جزء منه على سطح الثمرة حسب نوع المبيد المستخدم، وهذا
ما يعرف ببقايا المبيدات، وهذه المتبقيات من الأهمية بمكان حيث تتسبب
سنويا في رفض العديد من شحنات الفاكهة والخضر التي يتم تصديرها للخارج.
ولذلك يلزم تقدير بقايا المبيدات في العبوات المختلفة سواء المعدة للتصدير
أو الاستهلاك المحلى لضمان صلاحية المنتج الزراعي من عدمه.
زاد اهتمام البحث العلمي في الآونة الأخيرة في البحث عن طرق جديدة
للمكافحة الآمنة والبحث عن بدائل للمبيدات بغرض تلافى الآثار الضارة
لاستخدامها مثل:
• استخدام مانعات التغذية حيث تعمل على منع الحشرة من التغذية فتموت جوعا.
• استخدام المواد الطاردة أو الجاذبة وهى مواد ليست سامة ولا تؤدى إلى موت
الآفة ولكنها إما تجذبها إلى مصائد أو طعم سامة، بينما تقوم المواد
الطاردة بجعل طبيعة الغذاء والحياة الطبيعية للحشرات غير محببة مما يدفعها
للهرب.
• استخدام جاذبات جنسية ( الفرمونات ) وهى مواد مخلقة تحمل رائحة إناث
أنواع معينة من الآفات بغرض جذب الذكور، تستخدم هذه المواد إما للتنبؤ
بكثافة أعداد الآفة أو بتوزيعها في الحقول بغرض تشتيت ذكور الآفة.
• استخدام مركبات حيوية وهى مركبات أساسها كائنات دقيقة مثل البكتيريا أو
الفطر أو الفيروس، وأشهرها المركبات البكتيرية التي دخلت حيز التطبيق ضد
العديد من الآفات الحشرية.
• استخدام بعض بدائل المبيدات ( أقل سمية على النبات والحيوان والبيئة ) مثل الزيوت المعدنية والمستخلصات النباتية.
وتهتم وزارات الزراعة والجهات المعنية اهتماما كبيرا بهذه الاتجاهات،
ويلقى نفس الاتجاه اهتمام المزارعين والمهتمين بشئون البيئة لما تتميز به
من آمان للإنسان والحيوان والبيئة ككل، كما تساعد بطريقة مباشرة وغير
مباشرة في المحافظة وتعظيم الدور الذي تلعبه الأعداء الحيوية في الطبيعة،