المواشي
المواشي الحيوانات المستأنسة التي تُسْتَخْدَم في إنتاج الطعام بالإضافة إلى منتجات أخرى مفيدة. ويوفر إهاب بعض المواشي موادَّ مهمة مثل الجلد والصوف. وتستخدم أعضاء بعض المواشي لإنتاج العقاقير اللازمة لعدد كبير من الناس. يستخدم المزارعون في الدول النامية الماشية في سحب المعدات الزراعية. كما أن بعضًا من هذه المواشي يستخدم في نقل الناس والمواد. وتُرَبَّى معظم المواشي في المزارع، بيد أن بعض الناس يربون الأرانب والدجاج وبعض الحيوانات الصغيرة الأخرى في المنازل.
والأنواع الرئيسية من المواشي التي تُرَبَّى في كل أنحاء العالم هي الأبقار والدجاج والأغنام والخيول وتربى الخنازير كذلك عند غير المسلمين. وتشمل الأنواع الأخرى من المواشي الحمير والماعز والبغال والأرانب. وفي بعض الأقطار يقوم الناس بتربية اللاما والرَّنَّة والجاموس والياك. ويُعْرَف العلم الخاص بتربية واستيلاد المواشي والعناية بها باسم الإنتاج الحيواني.
وفي السابق، كان الإنسان ينتقل من مكان إلى آخر لصيد الحيوانات وجمع النباتات لغذائه. ومنذ آلاف السنين بدأ الإنسان في استئناس أنواع متعددة من المواشي. وبفضل استخدام هذه الحيوانات مصدرًا للطعام والطاقة تمكن الإنسان من الاستقرار في مكان واحد، ومن ثم بدأ في ممارسة حرفة الزراعة.
وخلال عدة قرون تمكن المزارعون من تحسين نوعية مواشيهم بطرق الاستيلاد المتعددة. ويقوم العديد من مربي الماشية في الوقت الحاضر بالاشتراك بمواشيهم في عروض للمواشي تقام في معظم أنحاء العالم. ويعتمد تقييم المحكَّمين للماشية على نقاط مثل أحجامها وكمية اللحوم التي تنتجها.
وهذه المقالة تعطي معلومات عامّة عن المواشي.
استخدامات المواشي
توفِّر المواشي في معظم أنحاء العالم منتجات الأغذية مثل اللحوم والزبدة والجبن والبيض والحليب. وتحتوي هذه الأغذية على كميات كبيرة من البروتين. ويستخدم البروتين في بناء الأنسجة الجديدة، وفي المحافظة على الأنسجة القديمة وتجديدها في جسم الإنسان. وتعتبر منتجات الغذاء الحيوانية أيضًا مصدرًا للمعادن والفيتامينات التي يحتاجها الإنسان للمحافظة على صحته بصورة جيدة. وتمدنا المواشي أيضًا بمنتجات جانبية مهمة مثل الفراء والشعر والجلد والصوف. وتستخدم هذه المواد في إنتاج البطاطين والفُرَش والملابس والأحذية ومنتجات أخرى. ويستخدم أصحاب المصانع أظلاف وقرون الماشية لصناعة أصناف من المنتجات مثل الأزرار والأمشاط والغراء والمدى (السكاكين)، ويستخدم البعض الآخر من المنتجات الجانبية في علائق الماشية.
وتستخدم بعض الغدد والأعضاء الحيوانية في صناعة وإنتاج العقاقير مثل الإبينفرين والأنْسُولين والبِبْسين (الهضمين). ويضاف الشحم الحيواني والذي يسمى الودك إلى الدهن، والصابون. وتستخدم المصانع ريش البط والأوز في صناعة الفُرُش والملابس المُبَطَّنَة.
تنتج المواشي سنويًا كميات كبيرة من المخلفات العضوية التي تستخدم في زيادة خصوبة التربة. وهذه الأسمدة العضوية تزيد من نمو وإنتاجية العديد من النباتات.
أدت زيادة الاعتماد على استخدام الآلات الزراعية ذاتية الحركة خلال السنوات الأخيرة إلى الإقلال من استخدام الخيول في العمل الزراعي في معظم أنحاء العالم. وحاليا تستخدم الخيول في الدول المتقدمة بشكل رئيسي للترويح وفي السباق وبعض الرياضات الأخرى.
العناية بالمواشي
الغذاء. يسمى الطعام الذي يتناوله الحيوان المستأنس في اليوم العليقة (المؤونة). وتحتوي العليقة المتوازنة على العناصر الغذائية التي يحتاجها الحيوان للنمو والصحة الجيدة. وهذه العناصر تشمل الكربوهيدرات والدهون والمعادن والبروتينات والفيتامينات. أما الحيوانات التي تعاني نقصًا في التغذية فتنتج كمية أقل من اللحم أو الحليب أو البيض، بالإضافة إلى احتمال تدهور حالتها الصحية. ويستخدم بعض منتجي الماشية وشركات علف الحيوان الحواسيب لتحديد نوع ونسبة المحتويات المستخدمة في علائق المواشي.
ويتكون علف بعض الحيوانات والدواجن من حبوب متنوعة، ومن المنتجات الجانبية للطعام المصنع والمعادن والفيتامينات، ومن بروتينات النبات والحيوان المركزة. وتأكل الأبقار والأغنام والحيوانات المجترة الأخرى أعشاب المراعي، كما أنها تتغذى أيضًا بالحبوب والتبن وسيقان نباتات معينة وبقايا بعض المحاصيل الأخرى.
ويقوم الكثير من المزارعين بتربية الأبقار في مساحات مُسيجة داخليًا تسمى حظائر التسمين. ويقدم لهذه الحيوانات علف خاص يزيد معدل نموها. ويقلل استخدام حظائر التسمين من مساحات الأرض المستخدمة للرعي. وهي كذلك، تمكن المزارع من تجميع الفضلات الحيوانية المتوفرة لاستخدامها سمادًا عضويًا، ويقوم المزارعون بنقل هذه الفضلات من حظائر التسمين إلى الحقول لتخصيب التربة.
ويضيف المزارعون بعض الحبوب إلى علائق الأبقار لتحسين نوعية اللحوم المنتجة أو لزيادة إنتاج الحليب. وعندما حدث نقص في إنتاج الغذاء في دول عديدة خلال السبعينيات من القرن العشرين قام بعض المزارعين بزيادة كمية العشب والتبن الذي تتغذى به الأبقار. وقد أدت هذه الطريقة إلى تقليل كمية الحبوب المستخدمة في علائق الحيوان، مما أدى إلى توفر كمية أكبر للاستهلاك البشري.
وتضاف بعض العقاقير المسماة المضافات إلى بعض العلائق لزيادة معدل نمو الحيوان وتقليل احتمال إصابته بالمرض، وتشمل هذه المضافات المضادات الحيوية والهورمونات الصناعية. وتؤدي التكلفة العالية لهذه العقاقير إلى جعل استخدامها غير عملي في الكثير من الدول. وتقوم الحكومات في العديد من الدول المتقدمة بالتحكم في كمية ونوعية الجرعة المستخدمة من هذه المضافات التي قد تُلْحق الضرر بحياة الحيوان أو الإنسان. وتهتم حكومات الدول التي يتم فيها استخدام هذه المواد الإضافية في علائق الحيوان بدرجة كبيرة بالسيطرة على استخدام مثل هذه العقاقير.
وقد يستخدم المزارعون أجهزة آلية لنقل علف الماشية إلى الحظائر والصوامع، حيث يتم تخزينه. وتقوم أجهزة أخرى بقياس وخلط مكونات العلائق.
الحظائر. تحتاج المواشي إلى الحماية من الطقس القاسي من أجل المحافظة على نموها والتوالد بشكل جيد. وقد كان باستطاعة هذه الحيوانات في السابق أن تعيش بسهولة دون حماية. ومع ذلك، وبمرور السنوات قام المزارعون بتطوير طرق استيلاد وإنتاج المواشي، والتي تهدف إلى زيادة إنتاج اللحوم. وأدت هذه الطرق إلى إنتاج سلالات من المواشي أقل قدرة على تحمل الظروف البيئية القاسية.
وفي الوقت الحاضر لا تستطيع العديد من سلالات الماشية احتمال البرودة أو الحرارة الشديدة. كما أن التعرض للجليد أو الرياح قد يؤذي الحيوانات أيضًا.
ويقوم ملاك الماشية بإقامة أنواع الحظائر الأكثر اقتصادًا والتي يمكنها أن تحافظ على مستويات الإنتاج الغذائي للحيوانات. وتحتاج بعض المواشي فقط إلى الحماية من الرياح أو إلى ظل الأشجار للحماية. وتتم حماية البعض الآخر منها في مبانٍ ذات مناخ مُتَحكَّم فيه، حيث تُضْبَط درجة الرطوبة والضوء ومستوى الصوت والحرارة والتهوية بدقة.
ويتم حفظ المواشي في المباني ذات المناخ المُتَحَكَّم فيه في مجموعات صغيرة عادة لتقليل التنافس والعراك فيما بينها.
وتُصمم هذه المباني بطريقة تسمح لفضلات الحيوانات بالمرور من خلال شقوق من حفر أسفل الأرضية. ويُمَكِّن هذا التصميم الحيوان من البقاء جافًا ونظيفًا. ويتم ضخ الفضلات من الحفر وتنقل إلى الحقول حيث تُستَخْدَم سمادًا عضويًا.
الحماية من المرض. تعتبر من أهم الأمور لدى ملاك الماشية، حيث إن بعض الأمراض يمكن أن تتسبب في موت أعداد كبيرة من المواشي. ويمكن أن تنتقل بعض من هذه الأمراض إلى الإنسان.
ومن أجل منع انتشار الوباء؛ ينبغي على المزارعين في بعض الأحيان إعدام كل الماشية التي اختلطت بالحيوانات المصابة.
وتشمل المسببات الرئيسية لأمراض الماشية البكتيريا والفطريات والطفيليات والفيروسات. ومن الممكن أن تصاب المواشي بالمرض إذا تناولت السموم الطبيعية أو مبيدات الحشرات والمواد الكيميائية الأخرى التي يُرَش بها العشب والنباتات. وبعض الماشية تكون عرضة للإصابة بالمرض وراثيًا.
وتوجد العديد من الكائنات الحاملة للأمراض التي تصيب الماشية في المناخات الدافئة. وتحد الحمى القلاعية والحمى القرادية وأمراض أخرى من إنتاج الماشية في البلاد المدارية بدرجة كبيرة.
وتنتشر الأمراض بسرعة كبيرة جدًا بين الخنازير والدجاج والمواشي الأخرى التي تربى في مساحات محدودة. كذلك فإن صغارَ الماشية لها قابلية للإصابة بالعدوى بسهولة.
ويقوم العلماء ببرامج بحثية عديدة لإيجاد طرق جديدة لمكافحة أمراض الماشية. ويعمل هؤلاء الخبراء من أجل تحديد الكائنات الحية التي تنقل أمراضًا مثل حمى الخنازير والدرن واستئصالها. وقد قللت طرق التغذية الحديثة من نسبة حدوث بعض الأمراض.
استيلاد المواشي
ينتقي مستولدو الماشية حيوانات معينة للإكثار. وقد يتم اختيار مثل هذه المواشي لكونها ذات معدل نمو عال، أو لأنها تنتج كميات كبيرة من اللحم أو البيض أو الحليب. وهذه العملية، تسمى الاستيلاد الانتقائي، وتتيح للمزارعين تحسين ماشيتهم باستمرار. وينتقي ملاك الماشية الحيوانات المعافاة وذات الخصوبة فقط لأغراض الاستيلاد، ويرث معظم النسل خصائص الأبوين.
هنالك ثلاث طرق رئيسية للاستيلاد الانتقائي 1- المزاوجة العشوائية 2- الاستيلاد الداخلي 3- الاستيلاد الخارجي. والمزاوجة العشوائية هي أبسط أنواع استيلاد الماشية. ويقوم منتجو الماشية في هذا النوع من الاستيلاد، بانتقاء ذكور وإناث من صنف واحد ويضعونها في نفس المكان ويسمحون لها بالتزاوج عشوائيًا.
ويباشر المزارعون الاستيلاد الداخلي عن طريق مزاوجة الحيوانات ذات القرابة الشديدة. وينتج عن هذه الطريقة سلالة نقية من الماشية. وينتقي ملاك الماشية الحيوانات للاستيلاد الداخلي عن طريق دراسة سجلات نسبها والتي توضح خصائص أسلاف الحيوان. والمواشي ذات القرابة الشديدة لها جينات (مورثات) متشابهة تنتقل إلى نسلها. وقد يحتوي النسل الناتج على تركيز عال من الجينات ذات الصفات الجيدة من الأبوين. ومع ذلك، فإن بعض النسل قد تظهر به بعض الصفات غير المرغوبة والتي لم تكن ظاهرة في الأبوين. ولذا فإن الاستيلاد الداخلي قد ينتج عنه نسل يفتقر إلى مقاومة المرض. والاستيلاد الخارجي هو مزاوجة حيوانات لا صلة بينها. وتتم عملية الاستيلاد الخارجي عن طريق التهجين الخارجي والاستيلاد التهجيني، وهما طريقتان غالبًا ما يستخدمهما المزارعون. والتهجين الخارجي هو تزاوج حيوانات لا صلة بينها ومن نفس السلالة. ويستخدم المزارعون هذه الطريقة لنقل صفة مرغوبة إلى جيل من الماشية. والاستيلاد التهجيني هو تزاوج حيوانات من سلالات مختلفة. ويكون لمعظم النسل الناتج خصائص أفضل من خصائص الأبوين.
ويستخدم الكثير من المولدين التلقيح الصناعي لتحسين نوعية مواشيهم. ويتم حقن السائل المنوي المخفف من ذكر ذي نوعية عالية، في أعضاء الأنثى التناسلية في الوقت المناسب للإخصاب. ويزيد التلقيح الصناعي من عدد النسل الذي يمكن إنتاجه بوساطة ذكور الحيوانات ذات النوعية الأفضل.