من الجميل جداً أن يكون نجاحك المهني معتمداً على مقدراتك الأساسية في
القيام بوظيفتك، و لكنَّ هذا نصف الصورة و حسب! الواقع يقول إن الزيادات و
الترقيات و غيرها من الفوائد و المزايا تتعلق مباشرةً بجودة تعاملك مع
رئيسك إذا لم يكن هذا الرئيس يحملُ صورةً مشرقةً لك – أو الأسوأ من ذلك
ألاّ يتذكر وجودك أصلاً- فإنك لن تحلم يوماً بتلقّي المهمّات و المسؤوليات
الدسمة التي تؤهّلك للتقدم
بالإضافة إلى إتقانك لعملك و جعل مديرك
يعرفُ كل الخطوات الجيدة التي تقوم بها، عليك أن تقوّي الترابط الشخصي بينك
و بينه و هكذا سوف تجعل مصالحك دائمة الحضور في ذهنه
لوازم النجاح فى ادارة مديرك
1.
لا شيء من الماديّات، فالاحترام و الصورة الحسنة لا يمكن شراؤها بأية حال.
2.
ساعة أو اثنتان من التفكير و التخطيط أسبوعياً لتحضير جدول أعمالك قبل أي اجتماع مع رئيسك
3.
مديرٌ طيب يتقبّل الطيّب. إذا كان مديرك شخصيةً رديئة فإن الاقتراب منه دون ضرورة فكرة بشعة!
4.
بعض الحلوى لتغري بها مساعدي مديرك المباشرين. إن هذا السكرتير أو
السكرتيرة ليس بوابة المدير و حسب بل هو القيّم على جداول مواعيده!
5.
احتفظ بقائمة محدّثة و جاهزة للعرض تبين فيها المهمات المنجزة أو
المبادرات الذاتية التي قمت بها حتّى تعرضها على المدير حيثما يسأل عن شؤون
العمل و تقدمه
6.
دقّة الإحساس و تقمّص عقليّة
المدير عليك أن تضع أنانيّتك المستعلية جانباً إذا أردت أن تتفهّم الخصائص
و الأهداف الأعظمَ قيمةً لدى رئيسك
بعد المقدمة العامة السابقة، نمضي معاً عزيزي القارئ إلى اثنتين من الخطوات الأساسية نحو تعامل و علاقة مثمرين بينك و بين رئيسك
أوّلاً: اجعل مديرك مستغنياً عن السؤال " كيف تسير الأمور؟ "
إنّ
أحد أهم المخاوف المكتومة في صدر كل مدير هي أن يقع موظفوه في الأخطاء و
يهدّدوا المهمّات بالفشل دون أن يخبروه، و الأشدُّ رعباً أن يكونوا منزلقين
إلى الخطأ و غير عالمين بذلك أصلاً!
حتى يطمئن المدير فإننا نراه
يلتقط - دون تعيين مسبق – أحد الجوانب في عمل الموظف ثم يبدأ بطرح أسئلة
استقصائية حول تفاصيله. إذا كانت إجاباتك على تلك الاستقصاءات مهذّبة و
واثقةً متّزنة فإنّ المدير سيعتقد بأنك تمسك الدفّة و تسيّر الأمور بكفاءة،
و إذا تلعثمت في الإجابة، أو حاولت التملّص و المراوغة فسيعتقد أن أمورك
مختلّة و فوضويّة
بما أنك لا تعرفُ مسبقاً الأسئلة التي سيطرحها رئيسك، يجب أن تكون مستعدّاً لكلِّ الاحتمالات
يقول
جاك كوبر التنفيذي المخضرم " إنّ دخولك مكتب المدير دون استعداد لهو من
أشد الخطوات تهوراً و حماقة. قبل كلّ ساعة اجتماع تقضيها مع مديرك يجب أن
تنفق عشر ساعاتٍ من التفكير و الاستعداد و التأكد من مقدرتك على الإجابة
على أيّ سؤالٍ يمكن أن يطرحه المدير "
أجل قد تكون ساعات الاستعداد
العشر لكل ساعة اجتماع مع المدير غير ممكنة لدى الموظفين العاديين الذين
يرون رؤساءهم كلَّ يوم، و لكن مع ارتفاع المستوى التنظيمي و الوصول إلى
المدير القيادي الذي لا يجتمع مع رؤسائه إلاّ في المناسبات المهمّة فإنّ
ساعات التحضير العشر مقبولةٌ جداً و لا مانع من زيادتها أبداً!
و كي تنجح في طمأنة المدير و اكتساب ثقته عليك تلبية التوقّعات التالية
- التوقّعات الأساسية التي ينتظرها المدير من موظفيه الثقات:
1.
الاعتمادية: عليك أن تتابع مهمّاتك إلى النهاية و أن تنفّذ بالفعل ما
تقول إنك ستقوم به. إذا أردت أن يثق بك مديرك فعليك أن تقول ما تفعل و أن
تفعل ما تقول.
2.
الاحترافيّة:
ينال أرفع التقدير عند المدراء الأفراد الجادّون في تناول شؤون العمل، و
الذين يبذلون الجهد و الوقت في سبيل تعميق فهمهم لتخصّصهم.
3.
الأمانة و الصدق: أهم اختبارات الأمانة هو مقدرتك على إعلانِ موقف لا
يؤيّده رئيسك. لا شكّ في أنّ القرار الأخير هو لرئيسك و لكنّ جوهر عملك هو
السعي لأن يكون هذا القرار هو القرار الأمثل.
4.
الاهتمام و الحرص: يقدّر المدراء عالياً العلاقة مع تابعيهم الذين
يهتمّون برؤسائهم و يحرصون على نجاحهم. عليك أن تبدي اهتمامك الحقيقي
برئيسك، و عندما تناقش معه خطوات تصرفه أو حديثه بشأن مشكلةٍ معينة فإن
عليك التجاوب باقتراح الحلول و ليس بالانتقادات أو الأعذار.
5.
المعرفة: يحتاج المديرون إلى أن يحيط بهم أشخاص لديهم خبراتٌ مميّزة.
طبعاً لا يلزمك – و لا يمكنك- أن تكون عبقرياً في كلِّ شيء، و لكن يجبُ أن
تكون لديك معرفةٌ عميقة بحقلٍ معرفي محدّد من الحقول التي تهمُّ مديرك.
ثانياً: سوق نفسك
المدراء سريعو النسيان في زحمة العمل و عليك التأكد من أنّهم يعرفون قيمتك
بينما
تكاد تنقطع أنفاسك من الاجتهاد و الاهتمام فإنك لا تشك أبداً في أن مديرك
يعرف تماماً ماذا تصنع و ماذا تبذل. لكن أنت مخطئ يا عزيزي! صحيحٌ أن مديرك
هو من كلّفك بالمهمة التي تعمل عليها إلاّ أنّ مساهمتك و جهدك يمكن أن
تغطيها بسهولة زحمة الأعمال و المشاغل المتلاحقة و تغيير الأولويّات
و الأسوأ من ذلك أن تستمرّ في الاجتهاد على هدفٍ قد تم تحويل الاهتمام عنه و لم يعد ذا قيمة
حسب
سبنسر كلارك المدير العام السابق في جنرال إليكتريك فإنّ الوقاية الوحيدة
ضدّ تغطية الجهد و المساهمة هي " أن تعمل بنفسك و لنفسك عمل فريق التسويق، و
أن تستهدف بجهودك التسويقية مديرك المباشر"
للقيام بذلك عليك صياغة
"رسالة جوهرية" أي بيان أساسي موجز يبين بدقة ما الذي تقومُ به، و لماذا
أنت عنصرٌ أساسي من عناصر النجاح لدى مديرك. و بعد صياغة هذه الرسالة
الجوهرية عليك اغتنام كلّ مناسبة ملائمةٍ لتوجيهها إليه. و إذا رأيت أنّ
تسويق نفسك لدى مديرك فيه شيءٌ من التصنّع أو التزلُّف فإنّ عليك التفكير
في توجيه الرسالة بطرقٍ تلقائية تجنّبك مظهر التصنّع و المبالغة و تجنّبك
أيضاً ضياع رسالتك الجوهرية.
ثالثاً- أحسن الاستفادة من الموارد النفيسة: المؤثّرون على المدير
الهدف: الاستفادة من الآخرين في الإعلان عن نشاطك و تبيين أهميتك للشركة.
قد
تظن أن العلاقة بينك و بين مديرك هي علاقة ثنائية، و لكن لا! فأنت تشارك
الاتصال مع مديرك حشداً كبيراً من الناس يتضمن زملاءك و زملاء مديرك و
رؤساء مديرك و زملاءهم و الذين يلعبون دوراً معيناً في صناعة قرارات ذلك
المدير و تشكيل وجهة نظره، و في النهاية لا بدّ من أن تؤثّر تعليقاتهم و
أحاديثهم العابرة على رأي المدير فيك و في عملك. و إذاً يجب عليك أن تضمن
أنهم إذا لم يكونوا يثابرون على التغنّي ببطولاتك فإنّهم على الأقلّ يعرفون
الحد الأدنى المقبول عن عملك و يتحدثون عنه و عنك بخير.
فلتكن لديك
قائمة بجميع المؤثّرين لدى مديرك. ضمّن في تلك القائمة مواقعهم الوظيفية و
كلّ ما يمكنك معرفته عن خلفيّاتهم و أدوارهم داخل مؤسّستك. و بعد ذلك؟
حسناً، هل تذكر الرسالة الأساسية التي قلنا في العدد الماضي أنك يجب أن
تحضّرها مسبقاً و تستعدّ لتوجيهها إلى المدير حيثما كان ذلك ملائماً؟ عليك
الآن أن تصوغ تنويعاتٍ مختلفةً من هذه الرسالة التي يتبيّن أهمية عملك
لكلٍّ من هؤلاء الأشخاص، و بعد ذلك عليك أن تستخدم تلك الرسالة كإطارٍ
لمحادثاتك مع كلٍّ منهم.
إنّ الهدف من توحيد الرسالة هو أن تصلَ إلى
مديرك عبر المنظّمة كلّها رسائل متناسقة تتحدّث عنك بالاتجاه الصحيح و
ترسّخ الصورة المطلوب تكوينها لدى المدير.
رابعاً- تعرّف على تفاصيل المسيرة المهنية لمديرك
الهدف: تفهّم خلفية مديرك حتى تستوعب توقّعاته و مطالبه.
بعد
أن أقنعت المدير بكفاءتك، حان الوقت لتعزيز قيمتك. و للقيام بذلك عليك أن
تنجز ما يريده المدير حتى قبل أن ينتبه المدير إلى أنه يريد ذلك. طبعاً
يمكنك تعلّم ذلك مع مرور الوقت و الملاحظة و التجربة، و لكن ممّا يسهّل
الأمر عليك و يسرّع وصولك إلى تلك المرحلة أن تبحث في مسيرة المدير الماضية
و تطرح أسئلةً تفيدك في استيعاب طريقة تفكيره.
و لهذا السؤال فائدةٌ جانبية غير تحصيل الفهم و المعرفة هي شعور المدير بالإطراء و تأثّره باهتمامك.
استفد
من الإنترنت، من الأحاديث العابرة، من مساعدي المدير للتعرف على تاريخ
عمله. و بعد ذلك اغتنم الفرص الملائمة ( مثل وقت الغداء، أو اجتماع خارجي )
للتعبير عن فضولٍ لبق للاطلاع على تجارب المدير. إذا تركنا جانباً ترحيب
معظم الناس بالتحدّث عن أنفسهم، فإنّ المدراء يرحّبون بذلك أيضاً لأنّه
يتيح لهم الفرصة لشرح أسلوبهم في عملية صنع القرار
أمثلة على الأسئلة الممكن توجيهها إلى المدير:
-
بينما كنت أتصفح الإنترنت للتعرّف على مجال عملنا رأيت أنّك كنت متحدّثاً
في المؤتمر الفلاني، فما هي ردود الفعل المميّزة التي تلقّيتها؟
- ذكر لي فلان أنّك كنت تعمل في المؤسسة الفلانيّة فما هي أهم التجارب المكتسبة لديهم؟
- سمعتُ أنّك عملتَ في المجال الفلاني، فما هيَ أهمّ الاختلافات بين العمل في ذلك المجال و مجال عملنا الحالي؟
خامساً - عزّز الاهتمامات الشخصيّة المشتركة
الهدف: هل تلعب كرة القدم؟ هل تتقن الشطرنج؟ لا؟! انتبه حان الوقت لتغيير إجابتك! لأنّ الطيور على أشكالها تقع
إنّ
الحالة المثلى للعلاقة بينك و بين مديرك هي أن يكون هذا المدير منتبهاً و
مهتماً بمصالحك في أوقات الأزمات و القرارات المهمّة و ستتعزّز هذه الرعاية
أكثر عندما ينظر المدير إليك كوليفٍ مشابهٍ له في الاهتمامات. فإذا أردت
علاقةً أعمق و أطول و أمتن مع مديرك فعليك بتعزيز أحد اهتماماتك التي تهمَ
مديرك في الوقت ذاته
يقول ديليب فادكه مدير مشاريع التطوير
الاستراتيجية لدى شركة HP: " حتى تتفهّم مديرك تفهّماً حقيقيّاً عليك النظر
إليه كإنسان و ليس كعلاقةٍ مهمة من علاقات العمل. إنّ مديري الحالي مجنونٌ
بكرة القدم و بالرغم من أنني لا أهتم بهذه اللعبة اهتماماً خاصاً فإنني
أتابع أخبارها لأن ذلك يمنحني موضوعاً أستطيع الحديث فيه دون أن يكون
مرتبطاً بالعمل مباشرةً، و أستطيع من خلاله أيضاً ضرب الأمثلة و توضيح
آرائي في قضايا العمل مثل الحديث عن قيمة عمل الفريق و التخطيط و غير ذلك"
و يقول روبرت كيالديني الأخصائي و المؤلف في علم النفس:
"
إن ميل بعض النفوس إلى البعض الآخر هو مسألة قصدٍ و سلوك أكثر من أن يكون
مسألة طبائع شخصية و مصادفات. حتى تكون محبوباً أكثر عليك أن تجدَ نقاط
التلاقي و تبرزها من الأعماق إلى السطح. إذا استطعت أن تجد شيئاً تحبّه و
تحترمه حقّاً في أحد الأشخاص فإن ذلك الشخص سوف يحبّك و يحترمك بالتأكيد.."