معنى لا إله إلا الله
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على من بعثه الله رحمة للعالمين , وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد :
فقد اطلعت على الكلمة التي كتبها أخونا في الله العلامة الشيخ عمر بن أحمد
المليباري في معنى لا إله إلا الله , وقد تأملت ما أوضحه فضيلته في أقوال
الفرق الثلاث في معناها . وهذا بيانها :
الأول : لا معبود بحق إلا الله .
الثاني : لا مطاع بحق إلا الله .
الثالث : لا رب إلا الله .
والصواب هو الأول كما أوضحه فضيلته ,
وهو الذي دل عليه كتاب الله سبحانه في مواضع من القرآن الكريم مثل قوله
سبحانه : سورة الفاتحة الآية 5 إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ
وقوله عز وجل : سورة الإسراء الآية 23 وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا
إِلَّا إِيَّاهُ وقوله سبحانه : سورة الذاريات الآية 56 وَمَا خَلَقْتُ
الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ وقوله سبحانه وتعالى : سورة
الحج الآية 62 ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا
يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ
(الجزء رقم : 2، الصفحة رقم: 6)
والآيات في هذا المعنى كثيرة , وهو الذي فهمه المشركون من هذه الكلمة حين
دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم إليها , وقال : مسند أحمد بن حنبل
(3/492). يا قومي قولوا : لا إله إلا الله تفلحوا .
فأنكروا ذلك , واستكبروا في قبوله ,
لأنهم فهموا أن ذلك يخالف ما عليه آباؤهم من عبادة الأصنام والأشجار
والأحجار , وتأليههم لها , كما ذكر الله عز وجل في قوله سبحانه في سورة ص
: سورة ص الآية 4 وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ
الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ سورة ص الآية 5 أَجَعَلَ الْآلِهَةَ
إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ
وقال سبحانه وتعالى في سورة الصافات عن المشركين : سورة الصافات الآية 35
إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
يَسْتَكْبِرُونَ سورة الصافات الآية 36 وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو
آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ فعلم من ذلك أنهم فهموا معناها بأنها تبطل
آلهتهم وتوجب تخصيص العبادة لله وحده , ولهذا لما أسلم من أسلم منهم , ترك
ما هو عليه من الشرك , وأخلص العبادة لله وحده , ولو كان معناها : لا رب
إلا الله . أو لا مطاع إلا الله , لما أنكروا هذه الكلمة , فإنهم يعلمون
أن الله ربهم وخالقهم , وأن طاعته واجبة عليهم , فيما علموا أنه من عنده
سبحانه , ولكنهم كانوا يعتقدون أن عبادة الأصنام والأنبياء , والملائكة
والصالحين , والأشجار ونحو ذلك على وجه الاستشفاع بها إلى الله , ورجاء أن
تقربهم إليه زلفى كما ذكر الله ذلك عنهم سبحانه في قوله الكريم : سورة
يونس الآية 18 وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ
وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ
(الجزء رقم : 2، الصفحة رقم: 7)
فأبطل الله ذلك ورده عليهم بقوله
سبحانه : سورة يونس الآية 18 قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا
يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
عَمَّا يُشْرِكُونَ وفي قوله عز وجل : سورة الزمر الآية 1 تَنْزِيلُ
الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ سورة الزمر الآية 2 إِنَّا
أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا
لَهُ الدِّينَ سورة الزمر الآية 3 أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ
وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا
لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى
والمعنى أنهم يقولون ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى , فرد الله
عليهم ذلك بقوله سبحانه : سورة الزمر الآية 3 إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ
بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي
مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ
فبين سبحانه بذلك أنهم كاذبون في زعمهم أن آلهتهم تقربهم إلى الله زلفى , كافرون بهذا العمل . والآيات في هذا المعنى كثيرة .
والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .