كرمت رابطة الكتاب الأردنيين الروائي المصري بهاء طاهر الفائز بجائزة ملتقى السرد العربي الثاني "دورة مؤنس الرزاز 2010" التي تبلغ قيمتها 5000 دينار، في احتفال أقيم السبت بالمركز الثقافي الملكي في عمان، وأدارته الروائية الأردنية سميحة خريس.
وأعلن طاهر تبرعه بقيمة الجائزة لإنشاء صندوق لترجمة الأدب الأردني، لتكون رواية تيسير السبول "أنت منذ اليوم" أول عمل يترجم للغة الإنجليزية، في حين أعلنت وزارة الثقافة الأردنية استعدادها لترجمة إحدى روايات الرزاز.
وسلم رئيس الرابطة سعود قبيلات الروائي المصري درعا تقديرا لإنتاجه الروائي والقصصي الرفيع ودوره في التنوير والتزامه بالثقافة وربطها بالحرية وقضايا الإنسان العربي، وأعلن قبوله عضوا في رابطة الكتاب الأردنيين، كما سلم الناقد المصري حسين حموده درعا.
يذكر أن بهاء طاهر تنازل عن جائزة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك 2011، وقال حينها إنه لا يستطيع حمل جائزة من تلطخت يده بدماء المصريين.
جريس سماوي: ما حدث في شوارع العالم العربي أعاد لنا التفاؤل (الجزيرة نت)
قامة وغضب
من جهة أخرى وصف الروائي طاهر في مداخلته بعمان الروائي الأردني الراحل مؤنس الرزاز "بالقامة الكبيرة ومن صناع أدبنا الحديث"، وقال إنه صاحب القلم المميز والرؤية التي تنبأت بالحراك الشعبي المطالب بالحرية والكرامة.
وأضاف طاهر "أشعر بالغضب لأن إبداعنا العربي يظل مجهولا للعالم الخارجي، لأننا نعول كثيرا على الأجهزة الرسمية التي لن ترعى الثقافة، وعلينا كمثقفين يقع الكثير من اللوم والتقصير".
وكان الأمين العام لوزارة الثقافة الأردنية الشاعر جريس سماوي قد رحب بالروائي المصري "الذي لم يأل جهدا إلا وظفه من أجل الإنسان وحرية الإبداع والتقدم باتجاه المستقبل منطلقا من عباءة الواقعية المتفائلة".
وقال سماوي "ما حدث في شوارع العالم العربي أعاد لنا التفاؤل والحلم بالمستقبل، ولعل رجلا كبيرا تنويريا كبهاء طاهر يعنيه هذا التحول لأنه بشّر به".
الحرية والعدالة
من جهته قال قبيلات إن أدب الرزاز وبهاء طاهر يعالج قضايا الحرية والديمقراطية والتقدم والعدالة الاجتماعية وينتصر للحياة والتنوير بأسلوب فني رفيع، فكلاهما نبذ النزعة الميلودرامية المبتذلة وكتبا عن أمة انحدر بها حكامها للحضيض فصورا الواقع كما هو دون تزييف أو تزويق.
وأضاف أنه "لأول مرة تكون الشعوب العربية موحدة مطالبة بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية وتبذل التضحيات وتتشارك في عمل جبار للتغيير الثوري". ولفت إلى أن الناس قد عرفوا "طريقهم للحرية والمجد بعد الثورة التونسية، ولن يستطيع أحد أن يعمي أبصارهم بعد الزخم النوعي بانتصار الثورة المصرية العظيمة".
بدوره قال الناقد فخري صالح إن الرزاز آثر إقلاق راحة القارئ لمشاركته التفكير في الأسباب البعيدة والقريبة التي جعلت العرب يواجهون مأزقا وجوديا معقدا، ولو كان بيننا لفرح بربيع الثورات العربية وكتب رواية تفسر لماذا ثار العرب وصرخوا هادرين في ميادين التحرير والتغيير العربية "لا لغلبة الاستبداد .. نعم للحرية والكرامة".
فخري صالح: روايات الرزاز كانت مسكونة بهاجس الكشف عن مشكلات العرب (الجزيرة نت)
الاستبداد والعسكريتاريا
وأوضح صالح أن روايات الرزاز كانت مسكونة بهاجس الكشف عن المشكلات العميقة التي يواجهها عرب القرن العشرين، فكانت ظاهرتا الاستبداد والعسكريتاريا التيمة الرئيسة لرواياته "أحياء في البحر الميت" و"اعترافات كاتم صوت" و"متاهة الأعراب في ناطحات السحاب" التي يمكن اعتبارها ثلاثية روائية تسعى للكشف عن انهيار المشروع النهضوي العربي "لماذا تقدم الآخرون وتأخرنا؟".
أما الناقد محمد عبيد الله فقال إن تجربة بهاء طاهر في مختلف وجوهها وتجلياتها فريدة بإخلاصها ووفائها الثوري والتغييري وطموحها للأنبل والأفضل وتعبيرها عن الواقع المأمول دون أن يصيبها اليأس أو الإحباط.
من جهته وصف الناقد المصري حسين حموده كتابة الرزاز وطاهر بأنها مغامرة تعبر التخوم وتجتازها وتخط لنفسها صيغا جديدة وقدرة هائلة على التقاط نواة خفية تسري فيما أشبه بنقطة حرجة تلتقي عندها مسارات جمعت بين مشروعيهما وتتحقق بالمراوحة بين انفراط التميمة والتئامها.
وكان شقيق عمر الرزاز وصديق الراحل محمد البشير تحدثا عن القواسم المشتركة والموقف الصلب بين مؤنس وبهاء طاهر وتبشيرهما بالحرية القادمة ونهاية الاستبداد، كما أهدت الشاعرة مها العتوم قصيدة للراحل بعنوان "خلل فضي في عمان".